معن بشور
15-8-2025
ان يعلن رئيس حكومة الكيان الصهيوني نتنياهو في حديث لقناة اسرائيلية ان المشروع الذي يسعى الى تحقيقه هو "اسرائيل الكبرى" التي تضم الى فلسطين التاريخية كلاً من اراض في الاردن ولبنان وسورية ومصر ،وفي هذا الظرف بالذات ، وبالتزامن مع تصريحات الرئيس الاميركي ترامب التي قال فيها ان مساحة "اسرائيل" الحالية ضيقة عليها وتحتاج الى اراض جديدة، امر يؤكد ان اصحاب المشروع الصهيوني في تل ابيب وواشنطن مازالوا مصرين على تحقيق حلم شعاره يتصدر مبنى الكنيست الاسرئيلي منذ قيام الكيان عام 1948 ويقول "ارضك يا اسرائيل من الفرات الى النيل"...
قد يرى البعض في تصريحات نتنياهو المتوافقة مع كلام ترامب محاولة لرفع معنويات الصهاينة ومن يساندهم بالسر والعلن ، خصوصاً في اجواء ملحمة "طوفان الاقصى" المستمرة منذ 22 شهراً وفي ظل الخسائر البشرية والمادية والعسكرية والسياسية والاخلاقية التي لحقت بالكيان الهش والتي دفعت اسرئيليين كباراً الى التنبؤ بزوال الكيان الصهيوني خلال عدة سنوات...
اما البعض الاخر فقد يرى ان نتنياهو ومعه ترامب ومعهما طيف واسع من الرأي العام الاسرائيلي واركان الدولة العميقة في الولايات المتحدة يعتقدون انهم في ظل الصمت الذي يصل الى حدود التواطؤ الرسمي العربي والاسلامي مع العدوان الصهيوني على فلسطين ولبنان وسورية يستطيعون تحقيق اهداف ومصالح لم يكن بالامكان تحقيقها على مدى عقود، وان ما يواجهونه من مقاومة في فلسطين او لبنان او اليمن وصولا الى ايران يمكن القضاء عليها اما بالقوة كما نرى في فلسطين ، والى حد ما في لبنان ،او بالحصار الخانق والضغط المتعدد الاشكال كما رأينا في ايران واليمن ناهيك عن العراق وسورية قبل عقود ..
في ظل هذا التهديد الصهيوني المدعوم من الادارة الاميركية ، فإن الامة كلها ، بحكامها ومجتمعاتها ، مدعوة الى تجاوز كل اشكال الصراعات الثانوية فيما بينها، وتغليب متطلبات المواجهة الواسعة مع العدو على كل اعتبار ، وان يعاد الاعتبار لنهج التضامن العربي - الاسلامي - الاممي على الثوابت المعروفة ، وهو القادر وحده على مجابهة كافة التحديات ، بل وبناء مستقبل زاهر للاقليم كله.
ولعل لبنان بالذات الذي يحتفل هذه الايام بانتصاره على العدوان الصهيوني عام 2006 في ظل ثلاثية "الشعب والجيش والمقاومة"، مدعو قبل غيره الى توحيد صفوفه وتجاوز كافة الافخاخ المشبوهة التي تخطط للايقاع بين مكوناته ونزع مقومات صموده التي اثبتت فعاليتها في تحرير الارض ومواجهة العدوان منذ عقود ، كما في طرد الاحتلال من ارضه ، وهو احتلال ما كان له ان يستقر طيلة 18سنة (1978 -
2000 ) لولا استغلاله لانقسامات طائفية ومذهبية دفع اللبنانيون ثمناً باهظاً لها.
ولعل تمسك اللبنانيين جميعاً اليوم بثلاثية "شعب وجيش ومقاومة" ،وبالحوار بين المكونات السياسية والاجتماعية هي العناوين الكبرى لاستراتيجية الدفاع عن لبنان ليس بمواجهة مشروع اسرائيل الكبرى فحسب، بل بمواجهة كل مشروع خارجي يستهدف الهيمنة على لبنان او السيطرة عل مقدراته او النيل من دوره ورسالته التي سمحت له دوماً ان يلعب دوراً يتجاوز حجمه وقدراته المحدودة.
والخطوة الاولى في هذا الاتجاه ان تجري مراجعة جريئة وموضوعية لقرار مجلس الوزراء بتبني ورقة العمل الامريكية التي ستثبت الايام انها مشكلة للبنان وليست حلاً.